بعيدا عن المسكنات.. علماء يكتشفون طريقة أكثر أمانا لتخفيف الألم

كشفت دراسة جديدة نشرت في مجلة “Nature” عن إمكانية تسكين الألم بطريقة أكثر أمانا من المسكنات التقليدية مثل الإيبوبروفين والأسبرين، وذلك من خلال استهداف مستقبل محدد في الخلايا العصبية يعرف باسم مستقبل EP2، وفقا لموقع تايمز ناو.
يرى الباحثون أن هذه الآلية الجديدة قد تسمح بتخفيف الألم من دون التأثير على الالتهاب الطبيعي أو إبطاء عملية الشفاء، وهو ما يمثل أملا كبيرا لملايين المرضى الذين يعتمدون على المسكنات لتجاوز آلامهم اليومية لكنهم يخشون من آثارها الجانبية الخطيرة.
كيف تعمل المسكنات التقليدية؟

المسكنات الشائعة مثل الإيبوبروفين تعمل على تثبيط إنتاج مادة كيميائية طبيعية تسمى البروستاجلاندين، هذه المادة مسؤولة عن إشعال الالتهاب في الجسم، وهي التي تسبب التورم والاحمرار والألم، لكنها في الوقت ذاته تلعب دورا مهما في عملية التعافي.
المشكلة تكمن في أن حجب البروستاجلاندين يخفف الألم بالفعل، لكنه يعطل جزءا من آليات الشفاء الطبيعية، ويعرض الجسم لآثار جانبية قد تكون خطيرة مثل نزيف المعدة، مشاكل الكلى، وأمراض القلب.
تفاصيل الدراسة
ركزت الدراسة التي أجريت على الفئران على مستقبل EP2 الموجود في خلايا شوان، وهي الخلايا الداعمة للأعصاب.
استخدم الباحثون تقنية تعديل الجينات لتعطيل هذا المستقبل في الخلايا، ولاحظوا أن الفئران التي فقدت جين EP2 أظهرت انخفاضا كبيرا في الإحساس بالألم بعد الإصابات، في حين استمرت الاستجابة الالتهابية بشكل طبيعي.
هذا الاكتشاف يعني أن الجسم تمكن من متابعة عملية التعافي الطبيعية دون أن تتأثر بآليات تخفيف الألم، وهو ما لم يكن ممكنا مع المسكنات التقليدية.
يرى العلماء أن هذه النتائج تمهد الطريق لتطوير جيل جديد من العقاقير المسكنة التي تعمل على مستوى الخلايا العصبية دون أن تسبب المشكلات المرتبطة بالمسكنات الحالية.
ورغم أن الدراسة أجريت على الحيوانات، فإن الخطوة التالية ستكون إجراء التجارب على البشر لتحديد مدى فاعلية وأمان هذه الطريقة.
لماذا نحتاج إلى بدائل للمسكنات؟
يعد الإفراط في استخدام مسكنات الألم من أكثر المشكلات الطبية شيوعا، حيث تؤدي إلى أضرار كبيرة تشمل:
الكبد: تخزين السموم الناتجة عن الأدوية مما يؤدي إلى تلف خطير.
القلب: ارتفاع مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والأمراض القلبية الوعائية.
المعدة والأمعاء: الإصابة بالإمساك، الانتفاخ، انسداد الأمعاء، ونزيف المعدة.
الأوردة: في حال حقن بعض المسكنات مثل الأفيونات، قد يحدث انهيار للأوردة مع مخاطر العدوى والأمراض المنقولة بالدم.
إذا أثبتت الدراسات على البشر النتائج ذاتها، فإن الأطباء قد يتمكنون من وصف عقاقير جديدة تعمل على مستقبل EP2، ما سيتيح تخفيف الألم بشكل فعال وآمن دون إحداث خلل في وظائف الجسم الطبيعية.
وبينما لا يزال الطريق طويلا قبل اعتماد هذه الأدوية، فإن الخبراء يرون أن هذا الاكتشاف يمثل ثورة حقيقية في علم الأعصاب وعلاج الألم، وقد يكون بداية عصر جديد تتراجع فيه الحاجة إلى المسكنات لصالح بدائل أكثر أمانا وأقل خطورة.